حرب الخرطوم تفضح مخطط طرفي الصراع منذ 2019
متابعات ـ مواطنون
اتهم قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الدعم السريع، بفض اعتصام القيادة العامة، في ٣ يونيو ٢٠١٩. وجاءت اتهامات البرهان كرد فعل على إتهامات قائد الدعم السريع ونائبه، للبرهان بالتورط في فض الإعتصامات تخطيطا وتدبيرا، وتنفيذا، بواسطة القوات النظامية المختلفة، بجانب أجهزة أمنية وعسكرية تابعة لحزب المؤتمر الوطني المحلول.
وراجت تصريحات من رئيس لجنة التحقيق المستقلة في فض الاعتصام نبيل أديب لقناة الجزيرة القطرية، دعا فيها البرهان أن يقدم ما لديه من معلومات بشأن تورط الدعم السريع في فض الاعتصام، مضيفا بأن كل الأدلة بشأن التحقيق محفوظة في مكان آمن ولم تمس حتى الآن، وأن اللجنة ستقدم تقريرها الختامي لرئيس الوزراء المدني المقبل.
وهذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها البرهان ليوجه الإتهام مباشرة للدعم السريع، بالتورط في فض الإعتصام، وقتل المحتجين السلميين. َوكان الرجل قد برأ من قبل المكون العسكري بكل قواته من تنفيذ تلك الجريمة، وإتهم (طرفا ثالثا) بالتورط فيها.
ومنذ فض اعتصام القيادة الذي وصفه حقوقيون وقتها بأنها مجزرة بشعة خالف توصيفها القانوني طبيعة وقائعها الدموية، وعدوها من الجرائم ضد الانسانية، بحسب توصيف القانون الدولي والجنائي السوداني لها، فهذه الجرائم بحسب تعريفها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في ١٧ يوليو ١٩٩٨م.
عندما وقعت جريمة فض الإعتصامات كان من يتبادلان الإتهامات حاليا (طرفي حرب أبريل)، يحتلان أعلى درجات المسئولية، من خلال منصب الرئيس ونائب الرئيس في المجلس العسكري، الذي آلت اليه المسئولية عن كافة القوات النظامية بالبلاد، في اعقاب اسقاط نظام المؤتمر الوطني في ابريل ٢٠١٩م.
وكان عضو مجلس السيادة حينها، والرجل الثاني في الجيش جاليا، الفريق شمس الدين الكباشي، قد اعترف في مؤتمر صحفي عقب الجريمة، بمسؤولية المجلس العسكري والجيش والشرطة والدعم السريع والقضاء السوداني والنيابة العامة عن الجريمة تخطيطا وتنفيذا.
وقال الخبير القانوني والقيادي بتحالف الحرية والتغيير، المعز حضرة في تصريحات نقلها راديو دبنقا امس الأول، بأن اتهام البرهان للدعم السريع بالتورط في فض اعتصام القيادة العامة في ٣ يونيو ٢٠١٩م ، اعتراف شخصي قوي يمكن أن يدين قائد الجيش، داعياً لجنة التحقيق في جريمة فض الاعتصام لفتح بلاغ جنائي في مواجه البرهان والاخرين، لان هذا الاعتراف شبه كاف.
وأوضح حضرة ان البرهان كان رئيسا للمجلس العسكري عند ارتكاب الجريمة، ويمثل أعلى سلطة في الدولة، بالإضافة إلى ان الجريمة تمت امام ناظريه. كما أنه نفى أكثر من مرة صلة قادة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بجريمة فض الاعتصام، وتساءل لماذا صمت البرهان طيلة الأربع سنوات الماضية عن هذه المعلومة؟ وهل أدلى البرهان بهذه المعلومة امام لجنة التحقيق التي كونت لهذا الغرض؟
وأشار حضرة إلى فض عدد من الاعتصامات بالتزامن مع فض اعتصام القيادة العامة.
وأكد المحامي المعز حضرة إن تصريح البرهان لا يعفيه من المسئولية الجنائية، بل يورطه بصفته رأس الدولة في ذلك الوقت وقائد القوات المسلحة، مبيناً إنه يخضع للمساءلة عن أي أفعال قام بها افراد الجيش.
وأكد إن تصريحات البرهان لا يمكن تكييفها على أنها آراء شخصية او اتهامات شخصية، بل هي تصريحات يمكن ان تشكل شبهة اثبات قوية جدا، لإدانة كل أطراف المكون العسكري الذي ارتكب جريمة فض الاعتصام امام القيادة العامة ومناطق أخرى من البلاد، وأكد إنها يمكن ان تشكل قرائن قوية في التحقيق.
من جهته قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي وائل محجوب في معرض مقال له انتشر على عدة منصات، إن واحدة من الأسباب المؤكدة لإندلاع هذه الحرب، بكل ما صاحبها من جرائم حرب بشعة وجرائم ضد الإنسانية، هي نتيجة لسيادة ثقافة الإفلات من العقاب وإهدار قيم العدالة، والحصانات التي تمتع بها مرتكبو الجرائم، والحماية التي ظلوا يجدونها من أعلى مستويات السلطة، منذ عهد سيئة الذكر الإنقاذ وفي عهد سلطة لجنتها الأمنية، وهذه الجرائم وسابقاتها، وجرائم هذه الحرب الدائرة، هي من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.
ويبدو ان إستمرار صراع الطرفين من شأنه كشف المزيد من خبايا وأسرار مابعد ١١ أبريل ٢٠١٩ تاريخ سقوط نظام عمر البشير.