في بلادي تحولت المدارس إلى مقابر
عثمان فضل الله
عندما تكون الحرب بلا اخلاق، حرب عمياء، أطرافها لا يهمهم الإنسان فشغفهم للدماء يعميهم عما سواه. تخرج لتقبر جثمان وتعود بثلاثة جثامين واثنين جرحى من اهل الحي وعوضا ما يفتح جرح في قلب أسرة لم تجد الدواء لمريضها بالفشل الكلوي، ليفارق الحياة يفتحون ثلاثة لحود.
هذه القصة ليست من خيالي ولا بنات أفكاري كما يتمنى المعجبين بلعبة الحرب هذه، وإنما هي واقع شهدته الحارة الأولى امبدة التي خرجت منها عربة دفار تحمل جسد ناجي علي بشير الذي فاضت روحه لتوقف مراكز غسيل الكلى باتجاه مقابر البكري.
هب أهل الحي لتشيعه الي مثواه الاخير وفي ظنهم أن الطريق سالكة بعد أن تم طرد الجنجويد من المنطقة.
عند وصول العربة إلى المنطقة شمال السوق الشعبي طريق مكب النفايات، انهمر عليهم الرصاص من قناصين يعتلون البنايات. ففاضت روح سائق الشاحنة واحد مرافقيه على الفور وأصيب إثنين آخرين بإصابات بالغة يرقدون الان بين الحياة والموت في مستشفى الرخا. والمتوفين، الي جانب ناجي، هم:
إبراهيم مصطفى
الخاتم على بشير
عاد المشيعون وسط الغضب والذهول. لأن من قنص المشيعين تابع للقوات المسلحة السودانية ليقبروا قتلاهم بحرقة نفوسهم في مدرسة التكامل بالحارة الثالثة.
في بلادي تحولت المدارس الي مقابر ونقول هل من مزيد.
في بلادي تحولت الطرقات الي مجازر ونقول هل من مزيد.
أي حرب هذه التي لا توجد فيها طرقات للمدنيين ليدفنوا موتاهم؟ أي حرب هذه التي لايوجد فيها فرق دفاع مدني تساعد المنكوب وتخرج المدفونين تحت الركام، وتطفئ الحرائق وتغيث الجائع؟