
أسبوع التسويات الدولية: هل السودان خارج ``أجندة السلام``؟
13 مايو 2025 ـ مركز مواطنون لصحافة ثقافة السلام
في أيام قليلة متقاربة، تسارعت خطوات التسويات السياسية في أكثر من جبهة نزاع عالمية، في مشهد غير معتاد منذ سنوات. هدنة مرتقبة بين الهند وباكستان برعاية خليجية، ومفاوضات سرية بين روسيا وأوكرانيا تُدار عبر وسطاء عرب، ولقاءات بين الصين والولايات المتحدة لتخفيف التوتر في قضية "الحرب التجارية" وربما الى ما ابعد من ذلك، وحوار نشط بين واشنطن وطهران حول برنامج إيران النووي والعقوبات الاقتصادية. تسويات تتشكل، سلام يُرسم في الكواليس، ومؤشرات توحي بأن العالم يسير ـ ولو بحذر ـ نحو تهدئة دولية تعيد ترتيب ميزاناته المختلة.
في خضم هذا الحراك، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: أين السودان من كل هذا؟
هل باتت الحرب السودانية، التي دخلت عامها الثاني، شأناً محلياً لا يحظى بوزن يُذكر على طاولات القوى الدولية؟ وهل هناك ما يشير إلى أن السودان قد دخل فعلاً في "أجندة السلام" الدولية، أم أن العكس هو الأقرب للواقع؟
الوقائع الراهنة تشير إلى غياب السودان، كأولوية سياسية، عن جداول الدول الكبرى. فلا موسكو ولا واشنطن، ولا حتى بروكسل أو بكين، تُظهر اهتماماً جاداً بدفع تسوية عاجلة للحرب الدائرة هناك. وحتى الدور الإقليمي، الذي كان أكثر حضوراً في بدايات الأزمة، تراجع تدريجياً أمام استنزاف الوقت والرهان على الحسم العسكري.
صحيح أن همسا يدور عن لقاءات بين طرفي القتال في عواصم مثل القاهرة وأبوظبي، لكن هي مجرد تسريبات لا تخرج عن دائرة "جس النبض"، وهي لم تُتوج بأي إعلان رسمي ام انها اكثر من ذلك؟
ومن الجدير بالذكر أن محاولة سابقة للحوار بين الطرفين جرت في المنامة بمملكة البحرين، لكنها أُجهضت سريعًا بعد تسريب تفاصيلها وخروجها إلى العلن، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الجهات الفاعلة اليوم تسعى لتجنب تكرار نفس المصير من خلال تشديد السرية حول أي حوارات قيد الترتيب. لكن، هل تكفي السرية وحدها لضمان نجاح التسويات؟ أم أن غياب الشفافية والغطاء الوطني الجامع قد يكون هو السبب الجوهري لفشل أي مسار؟
في ظل هذا المشهد، ما تزال الحرب في السودان تبدو وكأنها صراع منسيّ، يدفع ثمنه المدنيون وحدهم، بينما ينشغل العالم بإطفاء حرائق أقرب إلى مصالحه. ومع توسّع نطاق الدمار، وتزايد أعداد الضحايا، وتدهور الأوضاع الإنسانية، يبقى الأمل معقوداً على ان يدفع حجم الكارثة ان يدفع الداخل والمجتمع الاقليمي والدولي إلى التعامل مع الأزمة السودانية بوصفها قضية عاجلة لا تحتمل الانتظار.
فهل يلحق السودانيون بركب التسويات؟ وهل يكون لهم موقع في خريطة السلام التي يعاد رسمها؟