السودان.. الولايات الآمنة تتأثر بالحرب
وليد النور
في شهرها السادس، تتخذ الحرب في السودان شكلا مغايرا، ولم يقتصر تأثيرها على المواجهات المسلحة التي تدور في العاصمة الخرطوم وولايتي غرب وجنوب دارفور، بل امتد التأثير إلى الولايات التي كانت تتمتع بنسبة عالية من الأمان.
برغم المناشدات الكثيرة التي سمعها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، خلال جولاته الخارجية بضرورة وقف الحرب، إلا أن المواطنين في ولاية الجزيرة، وسط السودان، يواجهون شحا في المحروقات، خاصة البنزين.
وكانت هذه الولاية القريبة من العاصمة تحصل على حاجتها من الوقود من الخرطوم، وتستهلكه في النقل والأعمال الزراعية، لكن مع الحرب توقفت خطوط الإمداد، وأصبحت تعتمد على المدن الأخرى، خاصة بورتسودان.
وتسبب شح الوقود في تكدس السيارات بصفوف طويلة أمام محطات الوقود بمدينة ود ومدني (200 كيلو على الجنوب من الخرطوم) والمدن الصغيرة الأخرى، وينتظر البعض لأكثر من عشرة أيام من أجل الحصول على 5 جالون فقط.
استقبلت الجزيرة العدد الأكبر من النازحين الفارين من جحيم حرب الخرطوم، ما جعل الطلب على النقل يزداد بوتيرة عالية. وانعكس شح الوقود على تكلفة المواصلات وترحيل البضائع، وإزاء ذلك تضاعفت أسعار السلع والخدمات على المواطنين الذين يعانون من ارتفاع تكلفة السكن، إذ يبلغ إيجار شقة صغيرة (ستديو) حوالي 750 ألف جنيه للشهر (150 دولار). فيما يتكدس الآلاف في دور الإيواء في أوضاع مزرية جدا، ولا توجد آثار للإغاثة التي يتحدث عنها المسؤولين الحكوميين.
خلال الشهر الجاري تم إعفاء مفوض العون الإنساني التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، فيما نشرت مواقع إلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي أخبارا عن بيع مواد الإغاثة، واختفاء شاحنتين من ميناء كوستي الجاف بولاية النيل الأبيض.
ومع استمرار هطول الأمطار انتشرت الملاريا في ود مدني ما زاد عدد المترددين على المستشفيات الحكومية والخاصة، في ظل شح الأدوية وشبه إنهيار للنظام الصحي.
وفي ولاية القضارف، شرق السودان، المتاخمة لدولة أثيوبيا تتجلى الحرب في عدم قدرة الحكومة المحلية من السيطرة على حمى (الضنك) التي ظهرت لتترافق مع وباء الكوليرا المتفشي في كل سنة. ولا يبدو أن الحكومة قادرة على تصريف مياه الأمطار التي تهطل بغزارة في فصل الخريف.
ويصعّب من المهمة استجلاب المنطقة لعمال زراعيين من مختلف أرجاء السودان وعبر الحدود الشرقية أيضا، ويعيش معظم سكان الولاية في قرى تفتقر تماما للرعاية الصحية، وتنفصل بعض القرى عن بعضها خلال أشهر الخريف.