تم النشر بتاريخ: ٣ سبتمبر ٢٠٢٥ 14:26:26
تم التحديث: ٣ سبتمبر ٢٠٢٥ 15:56:59

الصورة: موقع اخبار الامم المتحدة / يونيسيف

الخرطوم: أحلام العودة وكوابيس واقع صحي مأزوم

<p>منتدى الإعلام السوداني</p>

منتدى الإعلام السوداني

حواء رحمة، الخرطوم، (مركز الألق للخدمات الصحفية) ـ لاجئون ونازحون يمنّون أنفسهم بالعودة اإلى الوطن والاستقرار، الآلاف من السودانيين أعدوا حقائبهم، من خارج السودان ومن مناطق النزوح في الداخل، تتجاذبهم أشواق العودة لأرضهم، بعد رحلة النزوح واللجوء القاسية حيث تقطعت بهم السبل وعانوا ما عانوا، وفي الذاكرة لا تزال ويلات الحرب وآثارها. فيما يواجه من عاد منهم معارك بيئية وصحية باتت مهدداً لحياتهم.

لم يكن قرار العودة سهلاً، وسط التحديات الصحية والاقتصادية والمخاطر الأمنية التي شاعت في الأحياء وحتى داخل المنازل. تحديات اخافت العديد من الأسر فعدلت عن قرار العودة الى مناطقهم، فيما دفع ضيق الحال أو الحنين إلى الوطن بآخرين ليحلوا بقلب الخرطوم وضواحيها والمدن الأخرى، رغم مخاطر التلوث البيئي وانتشار أمراض حمي الضنك والملاريا وظهور الاسهالات المائية.

وأفادت التقارير تسجيل الخرطوم أكثر من 6 ألف إصابة أسبوعيا بالملاريا، فيما أكدت وزارة الصحة في الأيام الماضية، عن تسجيل 723 إصابة جديدة وحالتي وفاة في أسبوع واحد بحمى الضنك. وكشف وزير الصحة أن السودان يسجل نصف وفيات الملاريا في منطقة شرق المتوسط. وحذر أطباء من انهيار الوضع الصحي والبيئي وانتشار النفايات والمياه الراكدة.

في الوقت الذي تناقلت فيه وسائل التواصل الاجتماعي، تعرض الخرطوم ومناطق أخرى في السودان لتلوث كيميائي واشعاعي إبان الاشتباكات، وإن تأثيرها قد ظهر في بعض الحالات، حيث الخرطوم (لم تعد صالحة للحياة). أحاديث نفتها وزارة الصحة السودانية مشيرة إلى عدم وجود أدلة علمية تدعم تلك الإدعاءات.

حميات واسهالات وأهل شرق النيل يحذرون
عرفة احمد مواطنة متابعة للاوضاع وتنوي العودة إلى الخرطوم، تقول "ظهرت عدد من حالات الإسهالات المائية بولاية الخرطوم ومنطقة شرق النيل على وجه التحديد. هنالك انتشار كثيف للباعوض. انتشرت حمي الضنك والملاريا بين الناس. المحلية تأخرت في انجاز عملها رغم النداءات المستمرة من المواطنين". وأضافت أن لم يكن هنالك تدخل فعلي وسريع فان المنطقة ستمر بكارثة صحية. واردفت "لابد من وجود خدمات تشجع على عودة المواطنين".

قبل بدء الخريف ارسل ناشطين ومتابعين للأوضاع في مناطق الخرطوم عدد من الرسائل في بريد والى ولاية الولاية، داعين الى ضرورة عودة الخدمات ورفع الانقاض والنفايات المتعفنة، إلا ان العمل لم يكن بحجم الكارثة الصحية والإنسانية على حد قولهم ، وجاءت الامطار لتزيد الطين بلة.

وقد صدر بيان منسوب لمواطني منطقة شرق النيل نشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى والي ولاية الخرطوم ووزير الصحة، محذرين من التفشي الواسع لحمى الضنك بصورة مخيفة، وتحول البعوض إلى وباء يفتك بالأسر ليل نهار، مع انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 5 أشهر، وسط غيابٍ تام من وزارة الصحة الاتحادية، والصمتٍ غير المبرر من حكومة الولاية، محذرين بلجوئهم لكل وسائل المقاومة المدنية من اعتصامات ووقفات احتجاجية. وحملوا الولاية والوالى كامل المسؤولية عن كل حالة وفاة أو مرض نتيجة ذلك الإهمال، معتبرين الصمت جريمة في حق المواطنين وفقاً للبيان.

أحياء تحولت لمكب للنفايات
وعبر مواطنون في عدد من أحياء الخرطوم عن معاناتهم من تراكم النفايات، مبينين عدم وجود جهات مهتمة بالتحرك لإنقاذ الوضع. وقال محمد إدريس "الاحياء الشعبية التى كانت تحت مرمى النيران مازالت تعيش إهمالاً وتهديداً صحياً .. في الوقت الذي يرغب فيه آلاف المواطنين بالعودة، ولكنهم يصدمون بما يجري على أرض الواقع، من بيئة غير مطمئنة، حتى أن بعضهم شكك في نداءات العودة الطوعية".

ومنذ بدء العام 2025 حتى منتصف أغسطس الماضي، عاد أكثر من 323 ألف من اللاجئين من مصر وحدها، معظمهم إلى ولاية الخرطوم.

ابراهيم علي ناشط مجتمعي ومتطوع، قال "هنالك تراكم كبير للنفايات والقمامة في معظم المناطق، اضافة لتكاثر اشجار المسكيت والحشائش الطفيلية وبرك المياه وسط الأحياء في ظل انتشار متزايد للملاريا وحمى الضنك"، مشيراً إلى التحركات المتواضعة من قبل المحليات في ظل نقص واضح في الآليات والعمال. وأضاف "ما يتم لا يتناسب مع الاوضاع التي تتطلب إعلان حالة طوارئ واستنفار صحي وتوفير المعينات من طلمبات رش ومبيدات خاصة للمناطق التي يوجد بها شباب متطوع وجاهز للعمل".

وزارة الصحة بولاية الخرطوم سبق ان أعلنت عن انطلاق حملة كبرى للرش الضبابي لمكافحة نواقل الأمراض، وكانت البداية بمحلية الخرطوم على أن تعم جميع محليات وأحياء الولاية. وصرح د. محمد التجاني مدير الإدارة العامة للطوارئ مكافحة الأوبئة بأن الحملة ستستمر حتى نوفمبر 2025، ضمن خطة الولاية للحد من انتشار البعوض والحشرات الناقلة للأمراض، خاصة في فصل الخريف.

وعلى ما يبدو أن الأمر يفوق قدرات وزارة الصحة السودانية التي أقرت بذلك. حيث ذكر وزير الصحة د. هيثم محمد إبراهيم أن انتشار نواقل الأمراض يحتاج إلى تمويل وجهد أكبر، رغم البدء بحملات الرش. ليبقى ذلك الموقف، مضافاً إلى مشهد اكتظاظ مستشفيات الخرطوم، على تواضع ما عاد منها للعمل، بمئات المصابين بحمى الضنك والملاريا، ينتظرون لساعات في إنتظار تلقي العلاج وسط نقص الأدوية والكوادر الطبية.

  • ينشر (منتدى الإعلام السوداني) والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (مركز الألق للخدمات الصحفية) لتسليط الضوء على تفاقم الوضع الصحي في الخرطوم أمام ضعف وعجز الاستجابة الرسمية، فيما تتنازع النازحين واللاجئين خيارات العودة أو البقاء بعيداً عن ديارهم ومناطقهم، محاصرين بين واقع صحي مأزوم في الداخل، وحنينهم وسؤ أوضاعهم في الخارج، فيما تتكاثف الدعوات لعودة محفوفة بالمخاطر.

معرض الصور