تم التحديث: ١ ديسمبر ٢٠٢٥ 16:21:28

حساب السكرتير التنفيذي للإيغاد على منصة اكس
نافذة انفتحت لإنقاذ السودان
الدكتور وركنة جبيهو ـ Workneh Gebeyehu
صحيفة شرق أفريقيا ـ The East African Newspaper
هناك لحظات في حياة الأمم لا يكون فيها الانهيار مجرد احتمال، بل يصبح عملية قائمة. السودان يعيش الآن مثل هذه اللحظة. فدولة يبلغ تعداد سكانها 48 مليون نسمة – وكانت ذات يوم ركيزة أساسية في القرن الأفريقي – يتمزق أوصالها على مرأى ومسمع من العالم.
لم يكن سقوط الفاشر، آخر معقل رئيسي للقوات المسلحة السودانية في دارفور، مجرد مأساة منعزلة. لقد كانت طلقة تحذير. ناقوس خطر أخلاقي واستراتيجي. وما لم يتغير شيء على الفور، فسيكون الأول من بين الكثير.
ما حدث في الفاشر كان متوقعاً. لقد حذر منه المجتمع المدني السوداني. وتوسلت الوكالات الإنسانية للمساعدة. ودقت الأطراف الإقليمية ناقوس الخطر. ومع ذلك، فشلت الدبلوماسية – المجزأة والمترددة والمشتتة في كثير من الأحيان – في التحرك. تم قصف المدينة حتى سُويت بالأرض قبل أن يتم الاستيلاء عليها. ومُحيت مجتمعات بأكملها قبل أن تتمكن من الفرار. وأُضيفت مذبحة كان يمكن منعها إلى قائمة الفظائع الطويلة في تاريخ السودان الحديث.
ومع ذلك، وسط هذا الدمار، انفتحت نافذة ضيقة ولكنها موثوقة.
في الأسابيع التي تلت سقوط الفاشر، جددت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التزامهما بتأمين هدنة إنسانية. ولأول مرة منذ أشهر، أشار كلا الجانبين إلى استعداد مبدئي للنظر في الأمر. هذه هي أكثر الانفراجات الدبلوماسية الواعدة منذ بدء الحرب.
لكن الهدنة الإنسانية ليست نصراً. إنها شريان حياة – نافذة هشة قد لا تظل مفتوحة لوقت طويل. وما لم يقم العالم بلف شريان الحياة هذا في استراتيجية سياسية متماسكة، فسوف يستمر السودان في النزيف حتى مع بدء تحرك قوافل المساعدات.
بصفتها المنظمة الإقليمية التي ساهم السودان في تأسيسها، فإن الهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيغاد) لا يمكنها – ولن – تقف مكتوفة الأيدي وتشاهد إحدى دولها الأعضاء تتفكك. إن انهيار السودان ليس مجرد مأساة سودانية، بل هو تهديد وجودي لمنطقة القرن الأفريقي بأكملها – وهي منطقة مثقلة بالفعل بالصراعات، والهشاشة الاقتصادية، والاستقطاب السياسي. إذا سقط السودان، فإن الموجات الارتدادية ستجتاحنا جميعاً.
الصراع السوداني ليس مجرد خلاف بين تشكيلين مسلحين
الصراع السوداني ليس مجرد خلاف بين تشكيلين مسلحين. إنه تفكيك لدولة وزعزعة لاستقرار منطقة بأكملها.
تحولت طرق التجارة إلى ممرات للأسلحة؛ وأصبحت المناطق الحدودية ملاذات آمنة للميليشيات؛ وانهارت الأراضي الزراعية الرئيسية وتحولت إلى مناطق مجاعة؛ ويقوم الآن اقتصاد حرب بربط الأطراف التي تستفيد من تفكك السودان.
من البحر الأحمر إلى الساحل، يغذي انهيار السودان النزوح، وتدفق الأسلحة، والجريمة المنظمة، والتطرف السياسي.
يجب أن يفهم العالم: إن وقف الحرب في السودان ليس عملاً خيرياً. إنها مسألة أمن إقليمي وعالمي.
لا يمكن لأي طرف أن ينتصر في هذه الحرب. ليس بقدراته الحالية. ولا بدعم من مؤيديه الخارجيين. ولا مع اقتصاد منهار ونسيج اجتماعي ممزق.
لقد أصبحت سيادة السودان ساحة معركة لطموحات لا علاقة لها بآمال المدنيين السودانيين. ومع ذلك، يواصل العالم الانغماس في وهم أن الصراع "سينطفئ" أو "سيوازن نفسه". هذه ليست استراتيجيات. إنها أعذار.
الحقيقة صارخة: السودان أقرب إلى التفكك اليوم منه في أي وقت مضى في تاريخه.
إجماع دولي وإطار عمل مشترك
لأول مرة منذ أبريل 2023، يوجد إطار دولي مشترك لإنهاء الحرب. لقد تلاقى الاتحاد الأفريقي، والإيغاد، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، و"الرباعية" حول خمسة مبادئ أساسية:
لا يوجد حل عسكري.
وحدة السودان غير قابلة للتفاوض.
يجب أن تكون أصوات المدنيين في مركز العملية السياسية.
يجب أن يبدأ الوصول الإنساني الآن.
إنهاء الحرب هو نقطة الدخول إلى كل تقدم.
يتفق الفاعلون المدنيون والسياسيون السودانيون – على الرغم من خلافاتهم – بشكل عام على هذه المبادئ.
لذلك، تستعد الإيغاد والاتحاد الأفريقي لعقد المشاورات السياسية المدنية التحضيرية في جيبوتي، والمصممة لمنح التشكيلات السياسية السودانية مساحة للتعبير عن موقف مدني متماسك و"سودنة" الإجماع العالمي الناشئ. هذا ليس مجرد مؤتمر آخر لمجرد عقده. إنها خطوة تأسيسية نحو مسار سياسي موثوق.
لا يمكن لأي هدنة أن تستمر دون خارطة طريق سياسية. ولا يمكن لأي خارطة طريق سياسية أن تنجح دون قيادة مدنية سودانية. ولا يمكن لأي قيادة مدنية أن تظهر دون إعداد متماسك.
إن الدفع المتجدد من الولايات المتحدة والسعودية نحو هدنة إنسانية هو البوابة للسلام – لكنه ليس الوجهة. ولتحقيق النجاح، يجب ربطه بما يلي: وقف الأعمال العدائية يتم التحقق منه ومراقبته؛ ممرات إنسانية مضمونة؛ التزامات من الأطراف الخارجية بوقف تسليح الوكلاء؛ عملية سياسية متسلسلة ترتكز على المدنيين السودانيين؛ وجدول زمني واضح للمرحلة الانتقالية.
إن الوصول الإنساني دون سياسة هو إغاثة مؤقتة. والسياسة دون وصول إنساني أمر مستحيل. فقط النهج المدمج يمكنه منع الانهيار الكلي للسودان.
مسؤولية إقليمية وعالمية
السودان ليس مجرد أزمة أخرى في منطقة مضطربة. إنه دولة مركزية يربط تاريخها وجغرافيتها واقتصادها وشعبها القرن الأفريقي بشمال أفريقيا، والبحر الأحمر، والساحل. إن تدميره سيفكك تماسك المنطقة، ويقوض التكامل الاقتصادي، ويعكس عقدين من التقدم نحو الاعتماد المتبادل.
لهذا السبب، ترى الإيغاد أن بقاء السودان هو مسألة أمن إقليمي، ومسؤولية أخلاقية، والتزام تاريخي. لقد وقف السودان إلى جانب جيرانه في أوقات أزماتهم. واليوم، يجب على هؤلاء الجيران – والعالم الأوسع – أن يقفوا إلى جانب السودان.
يجب أن تكون الفاشر نقطة تحول، وليست مرثية. لا يزال بالإمكان إنقاذ السودان. لا يزال بالإمكان الحفاظ على وحدته. ولا يزال بإمكان شعبه استعادة الكرامة والاستقرار والسلام.
ولكن فقط إذا تحركت أفريقيا والعالم الآن – معاً، وبشكل متماسك، وبشجاعة.
إن الهدنة الإنسانية الناشئة عن التفاعل الأمريكي السعودي هي أول انفراج حقيقي منذ أشهر عديدة. يجب اغتنامها وحمايتها وتوسيعها. الإيغاد مستعدة – أخلاقياً، وسياسياً، ومؤسسياً – للعمل مع الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والرباعية، وجامعة الدول العربية، والمجتمع الدولي الأوسع لوقف القتال ومرافقة السودان نحو سلام شامل.
الدكتور وركنة جبيهو هو السكرتير التنفيذي للإيغاد.

