تم التحديث: ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٥ 15:38:07

أليكس دي وال: على البيت الأبيض كسر حلقة الخراب في السودان قبل فوات الأوان
مواطنون
قال محلل شؤون أفريقيا أليكس دي وال، والمدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في كلية فليتشر، إن السودان بعد عامين ونصف من الحرب يعيش “حالة دمار شامل”، في ظل فشل ست مبادرات سلام وعدم قدرة أي منها على الضغط على القوى الإقليمية المنخرطة في الصراع. وأضاف: “كثير من السودانيين يتساءلون اليوم عمّا إذا كان العالم يكترث لحياتهم أو لموتهم”.
وأوضح دي وال في مقال نشر اليوم باسم " كيف يمكن أن تفضي تعهدات ترامب لمعالجة الفظائع في السودان؟" أن المشهد قد يشهد تحولًا محتملًا بعد دخول المكتب البيضاوي مباشرة على خط الأزمة، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يعترف قبل أيام بأن الصراع في السودان “كان خارج خططه تمامًا”، قبل أن يعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الوضع عليه أثناء اجتماعهما الأخير في البيت الأبيض، طالبًا منه التدخل. ويقول دي وال: “بعد ذلك تعهّد ترامب قائلًا: سنبدأ العمل على السودان”.
ويرى دي وال أن لترامب نفوذًا شخصيًا على قادة مصر والسعودية والإمارات، جميعهم متهمون بدعم أطراف متحاربة داخل السودان، وقد يشكّل تدخّله المباشر فارقًا إذا استُثمر هذا النفوذ لإنهاء الحرب بدل تأجيجها.
وأشار إلى أن السودان يشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع نزوح 12 مليون شخص وظهور المجاعة في عدة مناطق. وأضاف: “بعد حصار تجويع استمر 500 يوم، اجتاحت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر في واحدة من أسوأ المذابح ذات الطابع العرقي، التي يُقدّر عدد ضحاياها بين خمسة وستة آلاف قتيل”. وانتشرت مقاطع مصوّرة للقتلة أنفسهم، يصفها دي وال بأنها “فيديوهات غنائم تجسّد وحشية السلوك”.
ويُبيّن دي وال أن نمط الحرب السودانية بات مألوفًا: بعد ارتكاب الفظائع يسعى حميدتي لتحسين صورته بإعلان الاستعداد لوقف إطلاق النار، فيما يرفض البرهان – مدعومًا بإسلاميي معسكره – التخلي عن القتال، ويصرّ الطرفان على “إتمام المهمة” كلما تقدم أحدهما ميدانيًا.
ويرى دي وال أن جذور التعثر تعود إلى 40 عامًا من الحروب التي جعلت قادة السودان يرفضون تسويات الوسطاء بشكل متكرر. ومع خطر التقسيم الفعلي، فإنه يعتبر أن “هذا النمط هو ما يجب على ترامب أن يكسره”.
ويوضح أن خطة “الرباعية” التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات تقوم على ثلاثة عناصر: وقف إطلاق النار، وصول المساعدات الإنسانية، ومفاوضات لحكومة مدنية. لكن الخلافات الإقليمية، خاصة التنافس السعودي الإماراتي، تعرقل التنفيذ. وقال: “السودان ليس أولوية قصوى للرياض أو أبوظبي مقارنة بملفات غزة وسوريا”.
ويؤكد دي وال أن فعالية الدور الأمريكي مشروطة بضغط حقيقي على الإمارات لوقف دعمها المزعوم لقوات الدعم السريع، وهو ما لا تبدو إدارة ترامب راغبة في القيام به علنًا. وأضاف: “حتى لو تحقق وقف إطلاق النار، فسنواجه تحديًا ضخمًا لجمع ثلاثة مليارات دولار للمساعدات، دونها ستظل أي هدنة هشة”.
وختم دي وال بالقول إن السودانيين “منقسمون ومرهقون، ولا يثقون بالجنرالات”، لكنهم ما زالوا يتطلعون إلى سلام عادل يحقق طموحاتهم في الديمقراطية. “الطريق طويل ومحفوف بالمخاطر، لكن لا بد من كسره الآن قبل أن يبتلع السودان بالكامل”.

