تم النشر بتاريخ: ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ 16:25:56
تم التحديث: ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ 16:29:44

الحرب تُحوِّل التعليم في السودان إلى سلاح موجّه ضد الجيل القادم

مواطنون
يكشف تقرير تحليلي جديد نُشر في العدد (102) من مجلة "أتر" الأسبوعية الصادرة في 20 نوفمبر 2025 عن التحوّلات العميقة التي أصابت قطاع التعليم في السودان، محوِّلةً المدارس والجامعات من مؤسسات للمعرفة والتنمية إلى ساحات صراع تُستخدم لتعزيز الشرعية السياسية لقوتين عسكريتين متنازعتين، بينما يدفع ملايين الطلاب ثمناً باهظاً لانهيار هذا القطاع الحيوي.

انهيار تاريخي في بنية التعليم
يوضح التقرير أن جذور الأزمة لا تعود فقط إلى حرب أبريل 2023، بل تمتد لعقود من السياسات التي عمّقت اللامساواة بين المناطق الغنية والفقيرة. فقد أدى إلغاء استقلالية الجامعات، وتوسيعها دون تمويل كافٍ في حقبة التسعينيات، إلى خلق نظام تعليمي غير متكافئ يعتمد فيه الطلاب على قدراتهم المادية أكثر من قدراتهم الأكاديمية.

كما أدّى نقل مسؤولية التعليم الأساسي والثانوي للمحليات —دون توفير موارد مالية— إلى تعميق الفوارق الإقليمية، حيث فُرضت رسوم مدرسية حتى في المؤسسات الحكومية، بينما استمرت الولايات الأكثر ثراءً فقط في توفير تعليم مقبول.

الثورة والانقلاب والحرب: ثلاث ضربات قاصمة
خلال ثورة ديسمبر ثم جائحة كورونا ثم انقلاب 2021، شهد الطلاب أقسى موجات الانقطاع عن الدراسة، إذ قضى بعض طلاب الجامعات سبع أو عشر سنوات لإكمال برامج من خمس سنوات. ومع اندلاع الحرب الأخيرة، فقد ملايين الطلاب أي إمكانية للعودة إلى المدارس، فيما ضاعت وثائق جامعية وتعرضت مقارّ كاملة للتدمير.

التعليم كساحة صراع بين الجيش والدعم السريع
يبرز التقرير أن التعليم أصبح اليوم أداة سياسية؛ فالقوات المتحاربة تستخدم المدارس لتعزيز شرعيتها، بينما تُدار العملية التعليمية بشكل متفاوت بين مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع.

في مناطق الدعم السريع: اختفت العملية الجامعية بالكامل تقريباً، واقتصر التعليم على مجموعات صغيرة عبر الإنترنت.

في مناطق الجيش: استمرت الجامعات بحدّها الأدنى من الموارد، لكن الرسوم ارتفعت بشكل غير مسبوق، حيث بلغت 25 مليون جنيه لطب الخرطوم، وهي مبالغ تفوق قدرة معظم الأسر.

وفي ظل هذه الظروف، توقفت ولايات عديدة عن دفع رواتب المعلمين لأشهر، فيما تحولت المدارس إلى مراكز لإيواء النازحين.

مستقبل التعليم… تهديد وجودي
يحذر التقرير من أن السياسات الحالية تُعيد إنتاج نموذج نيوليبرالي خطير يجعل التعليم مسؤولية المجتمعات المحلية لا الدولة، ما يهدد بانكماش النظام التعليمي بأكمله ويفتح الباب أمام فقدان جيل كامل لحقه في التعلم. ويشدد على أن استعادة التعليم لا يمكن أن تتم إلا بضغط شعبي واسع يطالب بتمويله وحمايته باعتباره حقاً عاماً وركيزة أساسية لمستقبل السودان السياسي والاجتماعي.

معرض الصور