
السودان: 288% نسبة الزيادة في العنف ضد النساء والأطفال
يوسف عبد الله
مع أول اندلاع للحرب في السودان في أبريل 2023، تحولت البلاد إلى مسرح للانتهاكات، وشهدت واحدة من أسوأ موجات العنف الجنسي الممنهج في تاريخها الحديث. في الواقع، تحولت أجساد النساء والفتيات والأطفال إلى ساحات حرب مفتوحة.
فإلى جانب الصراع العنيف ولا أخلاقية الحرب المندلعة، ساعد من تفاقم الانتهاكات الغياب الظاهر لوسائل العدالة والقانون الرادع والتفكك الذي أصاب مؤسسات الدولة وانهيار المنظومة الأمنية والعدلية كما يشير الخبراء والمختصون الذين تناولوا هذه الظاهرة البشعة.
تشير التقديرات المنشورة بواسطة المنظمات الأممية والحقوقية ذات الصلة بالانتهاكات إلى أن ما يزيد عن 12 مليون شخص داخل السودان (ربع السكان) معرّضون بشكل مباشر للعنف القائم على النوع الاجتماعي، وهذه زيادة مفزعة ومهولة، بلغت حوالي 288% مقارنة بفترات ما قبل اندلاع الحرب التي دخلت سنتها الثالثة بين الجيش وقواتالدعم السريع.
وفي الواقع، ربما كان المتواري من انتهاكات لأسباب اجتماعية أو بدافع الخوف أكثر بكثير من الموثق لدى المنظمات والمؤسسات ذات الصلة. ولا أحد يتسطيع توقع حجم الكارثة الاجتماعية المترتبة على وجود أطفال جاء إلى الوجود نتيجة للاغتصاب وبلا هوية.
لكن مع ذلك المستتر من جرائم وانتهاكات، تثبت التقارير الموثقة وقوع أكثر من 400 حالة اغتصاب مؤكدة، ارتكبت في فترة الشهور ما بين أبريل 2023 وحتى منتصف 2024، وأعلنت (منظمة يونيسف) في مارس 2025، على سبيل الثمال، عن وقوع 221 حالة اغتصاب مؤكدة لأطفال بعضهم دون سن الخامسة.
وفي دارفور أشارت منظمة (أطباء بلا حدود) إلى أن 659 ناجيًا من العنف الجنسي تلقوا الرعاية في الشهور ما بين يناير ومارس 2025 . وفي شرق ولاية الجزيرة وحدها سُجلت نحو 71 حالة اغتصاب وقعت في فترة لا تتجاوز شهرين فقط، منها 37 حالة في مدينة رفاعة.
في الواقع، إن كثافة الانتهاكات الموثق منها والمستتر لا تشير إلى أنها كانت حالات فردية لجنود غير مدربين، بل هناك أدلة ترجح استخدام الاغتصاب بوصفه شكلا ممنهجا من أدوات الحرب. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 97% من حالات الاغتصاب الموثقة قد ارتكبتها قوات الدعم السريع في مناطق متفرقة كانت تسيطر عليها، منها حالات اغتصاب جماعي واغتصاب أمام أفراد الأسرة وإجبار فتيات قاصرات على الزواج القسري.
تجري كل هذه الانتهاكات على الأطفال والنساء ولا تزال الخطط بشأن إيقافها وتحقيق العدالة وأنصاف الضحايا مجرد أمنيات غامضة، أو ليست من أولويات أحد. وهنا تكمن الكارثة مجددا.