18/03/2025

كيف يواجه لاجئو الحرب السودانيين الفظائع في ليبيا؟

المصدر: infomigrants.net
منذ اندلاع النزاع في السودان عام 2023، وصل أكثر من 240,000 لاجئ سوداني إلى ليبيا. هناك يعيش السودانيون مأساة إذ يتعرضون الاغتصاب والقتل وسرقة الأعضاء. ما يجعل البعض يترقب فرصة الوصول إلى أوروبا.

المجاعة والاغتصاب والقتل والعبودية وسرقة الأعضاء هي بعض الأهوال التي يرويها سودانيون فروا إلى ليبيا بعد اندلاع النزاع في بلادهم في أبريل /نيسان 2023، حيث قُتل الآلاف منذ بدء الحرب بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع قبل عامين، وفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز في 13 مارس /آذار 2023.

تشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 12 مليون سوداني نزحوا بسبب الصراع، حيث نزح غالبية هؤلاء داخل البلاد، بينما فر أكثر من 240 ألف شخص إلى ليبيا، ولجأ آخرون إلى دول مجاورة مثل جنوب السودان وتشاد، وفقًا لتقرير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في فبراير/شباط 2023.

مآسي الرحلة
في حديثه لوكالة الأنباء رويترز قال فريد (تم تغيير الاسم) وهو لاجئ سوداني يبلغ من العمر 17 عامًا من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور وكشف عن بعض الفظائع التي شهدها في ليبيا خلال رحلته. وتذكر فريد مروره بمدينة الكفرة في جنوب شرق ليبيا، وهي المنطقة التي تصدرت الأخبار مؤخرًا بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وقبل أسابيع قليلة، تم اكتشاف مقابر جماعية تحتوي على جثث عشرات المهاجرين بالقرب من المدينة.

الكثيرون يفقدون حياتهم
قال فريد لرويترز إن حاله تشبه حال مئات من لاجئي الحرب السودانيين. إذ يطلبون المساعدة من السلطات الليبية، لكنهم لا يجدون ما كانوا يتوقعونه. بدلاً من الحصول على المساعدة، شهد فريد تجويعًا متعمدًا من عصابات قبلية إجرامية في المنطقة. وأشار إلى أن "الكثيرين يموتون في الفاشر بسبب الجوع"، مؤكدًا أن الفصائل القبلية المتحاربة تسرق وتبيع المساعدات الغذائية الدولية.

وأوضح فريد أنه لم يشهد فقط حالات وفاة بسبب الجوع، بل أيضًا جرائم قتل وحشية، قائلاً: "رأيت فتاة تُضرب وتُغتصب، ثم قُتلت وتركوا جثتها في الشارع وأضاف: "أعادت الأم جثتها إلى السودان، مفضلة الموت في الحرب على البقاء في ليبيا".

سرقة الأعضاء في الصحراء
يروي فريد، أحد اللاجئين السودانيين، تجربته المروعة في مدينة الكفرة الليبية، حيث أجبر على النوم في العراء وتعرض للجوع الشديد، قبل أن يحصل على مرتبة للنوم وبعض الطعام من السلطات الليبية. ورغم ذلك، استمر في معاناته، إذ اضطر للعمل لساعات طويلة في جمع النفايات البلاستيكية لإعادة التدوير دون أن يتقاضى أي أجر. وأشار فريد إلى أنه عندما تقدم بشكوى للمسؤولين، هددوه بأنهم إذا تسبب في أي مشكلة، سيتم بيعه إلى إحدى الميليشيات المتنافسة في المنطقة.

قال فريد لرويترز: "الكفرة منطقة قبلية ونحن مجرد عبيد في أرضهم. يُجبروننا على القتال لصالحهم أو يبيعوننا للعمل القسري. وإذا رفضت، يمكنهم أخذ أعضائك ودفنك على الطريق."

وفقًا لتقرير صادر عام 2021 عن شركة "غراي أناليتكس" البريطانية، تنشط العصابات الإجرامية في ليبيا في تجارة الأعضاء، مستهدفة بشكل خاص المهاجرين الأفارقة السود. يتم بيع الضحايا في سوق العبودية، ثم تُستأصل أعضاؤهم. تشمل هذه الشبكة سماسرة وأطباء ومستشفيات وشركات شحن. يتم إرسال الأعضاء المسروقة إلى دول في العالم العربي، بالإضافة إلى إسرائيل والولايات المتحدة وكندا وأوروبا، كما ورد في تقرير "غراي أناليتكس".

البحر لن يؤذيك
حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يشكل اللاجئون السودانيون في ليبيا نحو ثلاثة أرباع إجمالي اللاجئين في البلاد، حيث يصل المئات منهم يوميًا، بينما يُعتقد أن العشرات يفقدون حياتهم في ظروف غامضة.

تمكن فريد في النهاية من الهروب من وحشية المناطق الصحراوية في ليبيا، وواصل رحلته إلى شمال البلاد، حيث ركب قاربًا متوجهًا إلى أوروبا.

تمكنت سفينة "هيومانيتي 1" من إنقاذ قارب مطاطي يحمل أكثر من 70 شخصًا بعد أن بدأ في الغرق قبالة سواحل ليبيا. وكان معظم الركاب من القاصرين الذين هربوا من الحرب في السودان.

مغامرة السلم والثعبان
وصف أحمد، الشاب السوداني البالغ من العمر 19 عامًا (اسم مستعار)، رحلته القاسية عبر السجون الليبية بأنها كانت تشبه لعبة "السلم والثعبان". بدأت رحلته في مراكز الاحتجاز الممتدة من الكفرة في الجنوب حتى الزاوية وعين زارة في الشمال. في كل مرة كان يُقبض عليه، كان يُجبر على دفع المال للإفراج عنه. وإذا تم اعتقاله مجددًا، كان عليه أن يبدأ من جديد، كما لو عاد إلى نقطة الصفر في لعبة "السلم والثعبان".

قال أحمد إن رحلته عبر البحر الأبيض المتوسط كانت بمثابة "يانصيب في قارب صغير"، حيث يختلف نوع القارب الذي يُسمح للمهاجرين بالصعود عليه بناءً على المبلغ الذي يستطيعون دفعه. غالبًا ما يكون لدى المصريين والسوريين القدرة على دفع تكاليف الرحلة، مما يمنحهم فرصة للعبور في قوارب أكثر أمانًا. أما السودانيون والإريتريون، فيواجهون صعوبة في تأمين المال، مما يقلل من فرصهم في العبور بنجاح على قوارب آمنة.

وأشار أحمد إلى أن تكلفة بعض رحلات العبور قد تصل إلى 15 ألف دولار (حوالي 13,790 يورو). ورغم تعرضه للموت عدة مرات، خاصة في البحر، أكد أنه مستعد للمخاطرة بحياته مرة أخرى، قائلاً: "الموت في البحر أفضل من الموت في ليبيا. البحر لن يعذبك". مثل العديد من المهاجرين الآخرين، انتهت رحلة أحمد في إيطاليا، ليبدأ فصلًا جديدًا من معاناته في البحث عن الأمان.

معرض الصور