11/12/2024

يا واحدا في كل حال

يوسف عبد الله

بالقليل من المبالغة، ربما لا توجد دولة انهكتها الحروب مثلما فعلت بالسودان. لمئات السنين، ظل تاريخ هذا البلد الفريد هو تاريخ حروب، تندلع الواحدة بعد الأخرى بلا هوادة.

فوق ذلك، لم تكن هذه الحروب هي خيار العقل السياسي الجمعي للسودانيين، رغم تعدد ثقافاتهم البائن واحتفاظهم ببعض مظاهر العنف العابر الذي يقع بينهم. لقد جرت جميع الحروب الرسمية في عزلة تامة لتعبر عن رغبة طبقة ما، وكانت هذه الطبقة ترى أن من مصلحتها تكمن في قيام حرب.

بمعنى آخر، لم تكن الحروب لدى السودانيين، بما فيها الحرب الحالية، حتمية الوقوع، بل كان في الإمكان تفاديها بالجملة.

وعلى سبيل المثال، وصفت هذه الحرب المندلعة منذ أبريل ٢٠٢٣ بأنها (حرب عبثية) وذلك في ساعاتها الأولى، لكن هذا الوصف الدقيق المنصف لم يكن كافيا لوضع الحد المناسب لتداعيتها السياسية والحياتية الفادحة، في الداخل السوداني أو على دول وشعوب الإقليم، بما في ذلك احتمالات تمددها لتفضي إلى تقسيم البلاد.

إن الحرب التي بدأت عبثية استمرت كذلك، ولا يمكن حلها عبر إعلان (حكومة منفى)، أو أي حكومة تحت أي مسمى كما جرت مناقشات بعض الأطراف السياسية في الأيام القليلة الماضية.

إن مثل هذه الدعوات خفيفة الوزن، ومقلة في الحلول التي تطرحها، وذات كلفة عالية، أقلها إن هذه البلد يصبح بلدانا متحاربة. ولا يبدو أن التجارب المشابهة في الإقليم مغرية للتكرار، سواء تجربة جنوب السودان، ٢٠١١، أو التجارب اللاحقة في ليبيا وغيرها.

بتداول مثل هذه الحلول، يبدو واضحا وبشكل متزايد إن البلاد قد تنزلق إلى هوة سحيقة، لن يجد فيها أي طرف من الأطراف مبتغاه، سواء في الاقتصاد أو الحكم.

ومثلما كان الأمر دوما. هذا هو الوقت المناسب لوضع حل سياسي لهذه الأزمة ذات الرؤوس المتعددة. وإن كانت ثمة ثورة في السودان انطلقت في مثل هذه الشهر قبل سنوات، فلتستمر وتكرس جهدها لهذه الغاية المهمة: سودان واحد في جميع الأحوال.

 

معرض الصور