07/12/2024

الحرب أم الخبائث والكبائر والفواحش

حيدر المكاشفي
الحرب مثل الخمر تذهب العقل، ومن يذهب عقله لا يتوانى من ارتكاب الخبائث والكبائر والفواحش، وهكذا يتساوى معاقر الخمر مع خائض الحرب. فإذا كان شارب الخمر الذي ذهبت الخمر بعقله يتصرف دون وعي وإدراك بما قد يوقعه في ارتكاب الآثام والذنوب والكبائر، مثل قتل النفس والزنا واتيان كل ماهو محرم تحت تأثير الخمر، ولهذا سميت الخمر (أم الكبائر)، فكذا الحال مع خائض الحرب يمكنه بفعل الحرب بل الثابت عمليا أنه يرتكب كل الموبقات والكبائر والفواحش، مثل قتل النفس والاغتصاب وكبائر الحرب الأخرى التي سنأتي عليها. ولهذا استحقت الحرب أن يطلق عليها (أم الكبائر) أيضاً.

من حرب وقعت في هذه الدنيا سابقاً وما هو واقع منها حالياً مثل حرب غزة والسودان وما ستقع في المستقبل، كانت وستكون حرباً نظيفة خالية من الانتهاكات والفظائع. فأيما حرب هي بالضرورة رديفة الانتهاكات والموبقات والفظائع. فالحرب تتسبب في طيف واسع من الانتهاكات الفظيعة مما يشكو منه الناس الآن في السودان، مثل سقوط الأبرياء قتلى وفقدان الأحياء لكل ما يملكون، وتشريدهم من بيوتهم، فيضربون في الأرض هائمين على وجوههم بحثا عن المأوى الآمن داخل الوطن وخارجه، وفقدان الرعاية الطبية والصحية ما يتسبب في انتشار الأوبئة والأمراض في ظل تدهور بل وانعدام الخدمات العلاجية وانهيار كامل المنظومة الصحية. وتفشي حالات الاغتصاب التي تقع على الحرائر.

كما تشمل آثار الحرب الأضرار الجسدية والنفسية طويلة المدى على الأطفال والبالغين على حد سواء، فضلاً عن تفشي الفقر وسوء التغذية والإعاقة والتدهور الاقتصادي والأمراض النفسية والاجتماعية الناجمة عن صدمة الحرب، وتدمير كامل البنية التحتية وخاصة تلك التي تدعم الصحة العامة للمجتمع، مثل قطاعات الأنظمة الغذائية والرعاية الطبية والنظافة وتدهور البيئة والنقل والاتصالات والطاقة الكهربائية.

وبعبارة جامعة فإن الحرب تتسبب في تدمير الحياة الانسانية والتراث الثقافي والاقتصادي وتعيق التنمية والسلام، وتتسبب في حالة من الارتباك والقلق والإحساس بالحزن الشديد والشعور باليأس والاحباط، وغير ذلك الكثير من الاضرار والخسائر الجسيمة والفظائع والفواجع التي يعايشها السودانيون جراء الحرب العبثية الدائرة في بلادهم،رغم أنهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل. والأنكى أنهم صاروا المتضرر والخاسر الوحيد فيها، وبالتالي لا حاجة لهم أن نذكرهم بما يعايشونه ويقاسونه فعليا، بل إنهم أكثر حاجة لمن يحدثهم ويبشرهم بإنهاء هذه الحرب المهلكة التي قضت على الأخضر واليابس. وتُعتبر هي المسبب الرئيس في كل ما عانوه وما انفكوا يعانونه من ويلات وعذابات، ولا سبيل للانفكاك منه إلا بايقاف وإنهاء هذه الحرب اللعينة.

لهذا فإننا معنيون هنا بمناهضة ومكافحة كل إفرازات الحرب السالبة والضارة، ولملمة هذه الجراح المتفتقة ومحاولة مداواتها، بتعزيز الخطاب الديمقراطي وإفشاء روح وثقافة السلام، ومناهضة خطاب الكراهية المنتن، وإفشاء قيم التسامح المجتمعي في ضوء الخلخلة والزلزلة الاجتماعية التي ضربت كافة مكونات المجتمع السوداني التي نخرت في وحدته وهلهلت نسيجه الاجتماعي وهددت وحدته الوطنية، وما يرافق ذلك من نشر ضار وسالب وتضليل إعلامي، لدرجة جعلت من الحقيقة المجردة أكبر ضحايا هذه الحرب.وسنوالي إن شاء الله هذه الموضوعات واحدة تلو الاخرى..

معرض الصور