
اللاجئون السودانيون.. رحلة الموت إلى أوربا أملاً في الحياة
مواطنون
يواجه اللاجئون السودانيون الفارون من الحرب في البلاد جملة من التحديات والمصاعب أثناء رحلة هربوهم إلى بلدان الجوار، وخاصة دول شمال أفريقا.
المخاطر التي تواجه السودانيين في مسار شمال افريقيا مزدوجة اذ تبدأ اولا في تونس وليبيا، حيث يواجه السودانيون واللاجئون عموماً في تونس معاملة سيئة جداً. فالسلطات التونسية تشن عليهم حملات طرد واعتقال متواصلة بهدف إبعادهم من من الساحل خاصة في ولاية صفاقس علما بأنهم يقيمون أصلاً مشردين في مزارع الزيتون في العراء.
وبحسب شهود عيان لـ"مواطنون" اعتقلت السلطات التونسية قبل نحو عشرة أيام عشرات السودانيين، وألقت بهم في الحدود التونسية الليبية حيث أودعوا مراكز الاعتقال الليبيية سيئة السمعة في منطقة أبو كماش في غرب ليبيا. ويوجد حالياً في معتقل أبو كماش نحو 60 لاجئاً سودانياً مرحلين من تونس.
رسميا تخضع هذه المراكز إلى خفر السواحل الليبي ولكنهم في الحقيقة هم مجموعة مهربون، ويطلقون سراح المعتقلين في مقابل فدية قدرها 2 ألف دينار ليبي. وإذا تمكن المعتقل من تدبير الفدية تاخذه سيارة تاكسي مسافة 20 كلم ليذهب بعدها إلى مدينة زوارة بعد تجريده من جميع ممتلكاته.
في يوم 21 اكتوبر المنصرم قتل مزارع تونسي، في منطقة الكيلو 34، بمدينة المساترية، بمعتمدية جبنيانة في ولاية صفاقس، اللاجئ السوداني مهند سعيد آدم من أبناء ولاية القضارف محلية ود عديدة، لمجرد أنه ذهب لقضاء حاجته في المزرعة، وأصاب عبدالله يوسف جمعة من أبناء ولاية غرب دارفور الجنينة، محلية كرين، الذي هب لنجدة مهند سعيد، إصابة خطيرة، نقل على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج.
الطريق إلى أوربا
يوم الاثنين الماضي 25 نوفمبر أعلنت سلطات الأمن اليونانية في جزيرة ساموس اعتقال سوداني يبلغ من العمر 20 عاما بتهمة تهريب لاجئين إثر غرق قارب وانتشال 8 جثث وإنقاذ 39 شخصاً كان المعتقل من بينهم.
ودرج المهربون الأتراك على ترك اللاجئين في المياه الدولية وتسليم دفة القيادة إلى أحد اللاجئين، ولكن السلطات اليونانية تعتقلهم باعتبارهم مهربين في اطار سياسة وقف الهجرة الى دول الاتحاد الأوربي عبر مكافحة التهريب. وبحسب مصدر رسمي من الفريق اليوناني للانقاذ بجزيرة ساموس، مبادرة محلية بونانية، من المتوقع أن يطلق القضاء سراحهم في خاتمة المطاف ولكنهم يمرون بظروف صعبة في السجون حتى إطلاق سراهم وقد تمتد فترة الإجراءات نحو 6 أشهر وأكثر. حاليا يوتولى الفريق الحقوقي للمجموعة في الجزيرة الدفاع عن الشاب المعتقل.
وزارة الهجرة اليونانية أفادت أن 300 لاجئاً سودانياً وصلوا البلاد في الربع الاول من العام الحالي عن طريق القوارب بواسطة المهربين من تركيا.
اللجوء بعد الحرب
بدأت مجموعات من اللاجئين السودانيين في التوافد إلى دول الاتحاد الأوربي، بعد اندلاع الحرب في ابريل 2023، عبر معبرين رئيسيين هما اليونان وايطاليا.
وتستقبل السلطات اليونانية اللاجئين السودانيين في معسكرات وبمجرد حصولهم على صفة لاجئ يطلب منهم مغادرة المعسكر، ويتعيّن عليهم أن يدبروا أمور حياتهم بأنفسهم بدون أية إعانات باستثناء النساء، وعددهن قليل للغاية، وتتم استضفافتهن في شقق خاصة باللاجئات الأوكرانيات في إطار برنامج حماية النوع.
لم يتم رفض اي طلب للاجئ سوداني وصل البلاد حتى الان، ومن بين جميع الجنسيات الاخرى، يحظى السودانيون والفلسطينيون وحدهم بحماية خاصة وتدرس طلباتهم للجوء ضمن فئة الاجراءات السريعة (Fast Track process) وبموجبه يحصلون على صفة لاجئ خلال فترة 3 ثلاثة أشهر في المتوسط. وبقبول طلب اللجوء يحصل اللاجئ على اقامة مدتها 3 سنوات ووثيقة سفر.
تستخدم الأغلبية الإقامة ووثيقة السفر للانتقال إلى دول أخرى في شمال أوربا، إذ يحق لهم التنقل بحرية في دول شينغجن للزيارة لمدة 90 يوما ولكنهم يواصلون الاقامة ويتقدمون بطلبات جديدة للجوء. وقال رئيس الجاليات الأجنبية في اليونان لـ"مواطنون" إن هذه ظاهرة معتادة إذ تعتبر اليونان دولة معبر إلى شمال أوربا وقد خلقت مشكلة لدول الوصول النهائي.
وأضاف "على الرغم من المعاملة التفضيلية للسودانيين، حتى الآن على الأقل، فإنه من غير الممكن طلب اللجوء من خارج دول الاتحاد، ما يعني أن طالب اللجوء مضطر لدخول البلاد أولاً لتقديم الطلب، والدخول مخاطرة كبيرة اذ ان الطريق الوحيد للدخول هو ما بات يعرف بـ (قوارب الموت) أو التهريب". وواصل "نعلم أن بعض السودانيين غرقوا مع الآلاف الذين يغرقون في البحر المتوسط ولكن لا توجد بيانات عن الضحايا".
حتى الآن تفيد التقارير أن إجمالي العدد الذي وصل أوربا منذ اندلاع الحرب بلغ 11 ألفا، وهو مرشح للزيادة خصوصاً من ازدياد توجه المئات الى ليبيا.
احصائيات سابقة
بمناسبة مرور عام على حرب السودان ذكرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئينأان عدد السودانيين الذين وصلوا إلى إيطاليا بلغ 6,000 شخص انطلاقاً من ليبيا وتونس منذ بداية عام 2023 – وهي زيادة بستة أضعاف مقارنة بالعام السابق.
وفي 13 مارس العام الحالي ذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش أن (بعض الدول أعلنت عن الحماية المؤقتة ووقف ترحيل السودانيين، مثل كندا والولايات المتحدة والسويد، بينما أعلنت كندا أيضاً عن مسار جديد لم شمل الأسرة. وأعادت ألمانيا توطين 472 لاجئاً سودانياً في عام 2023، وهو عدد أكبر من أي دولة أوروبية أخرى، ولكنه عدد صغير بشكل مثير للشفقة. وأعادت الولايات المتحدة توطين 1817 سودانياً؛ واستقبلت كندا 674).
وبمناسبة مرور عام على حرب السودان ذكرت الوكالة الأوربية للجوء في 29 ابريل 2024، أن أكثر من 9900 مواطن سوداني قدموا طلبات لجوء لدول الاتحاد الأوربي في الفترة من أبريل 2023 ويناير 2024.
وفي 13 اغسطس الفائت قالت منظمة اطباء بلا حدود في تقرير لها عن اوضاع المهاجرين واللاجئين في المعسكر العشوائي الشهير في كاليه في فرنسا، ومتابعة رحلة الهجرة، من السودان إلى المملكة المتحدة، عبر تشاد وليبيا والبحر الأبيض المتوسط وفرنسا: "ما لا يقل عن 60 % من طالبي اللجوء الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة في المخيمات المؤقتة في كاليه هم من السودانيين. وقد فر الكثير منهم من الحرب الأهلية المستمرة التي اندلعت في السودان في أبريل 2023. ويعيش ما بين 1000 إلى 1300 شخص في مخيمات غير صحية مع وصول محدود للغاية إلى الغذاء والماء".